فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم قال تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امرأته في صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقالتْ عجوزٌ عَقِيمٌ}.
أي أقبلت على أهلها، وذلك لأنها كانت في خدمتهم، فلما تكلموا مع زوجها بولادتها استحيت وأعرضت عنهم، فذكر الله تعالى ذلك بلفظ الإقبال على الأهل، ولم يقل بلفظ الإدبار عن الملائكة، وقوله تعالى: {فِى صَرَّةٍ} أي صيحة، كما جرت عادة النساء حيث يسمعن شيئًا من أحوالهن يصحن صيحة معتادة لهن عند الاستحياء أو التعجب، ويحتمل أن يقال تلك الصيحة كانت بقولها يا ويلتا، تدل عليه الآية التي في سورة هود، وصك الوجه أيضًا من عادتهن، واستبعدت ذلك لوصفين من اجتماعهما.
أحدهما: كبر السن.
والثاني: العقم، لأنها كانت لا تلد في صغر سنها، وعنفوان شبابها، ثم عجزت وأيست فاستبعدت، فكأنها قالت: يا ليتكم دعوتم دعاءً قريبًا من الإجابة، ظنًا منها أن ذلك منهم، كما يصدر من الضيف على سبيل الأخبار من الأدعية كقول الداعي: الله يعطيك مالًا ويرزقك ولدًا، فقالوا: هذا منا ليس بدعاء.
وإنما ذلك قول الله تعالى: {قالواْ كَذَلِكِ قال رَبُّكِ} ثم دفعوا استبعادها بقولهم: {إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم}.
وقد ذكرنا تفسيرهما مرارًا، فإن قيل لم قال هاهنا {الحكيم العليم} وقال في هود: {حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} [هود: 73] نقول لما بينا أن الحكاية هناك أبسط، فذكروا ما يدفع الاستبعاد بقولهم: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله} [هود: 73] ثم لما صدقت أرشدوهم إلى القيام بشكر نعم الله، وذكروهم بنعمته بقولهم: {حَمِيدٌ} فإن الحميد هو الذي يتحقق منه الأفعال الحسنة، وقولهم: {مَّجِيدٌ} إشارة إلى أن الفائق العالي الهمة لا يحمده لفعله الجميل، وإنما يحمده ويسبح له لنفسه، وههنا لما لم يقولوا: {أَتَعْجَبِينَ} إشارة إلى ما يدفع تعجبها من التنبيه على حكمه وعلمه، وفيه لطيفة وهي أن هذا الترتيب مراعى في السورتين، فالحميد يتعلق بالفعل، والمجيد يتعلق بالقول، وكذلك الحكيم هو الذي فعله، كما ينبغي لعلمه قاصدًا لذلك الوجه بخلاف من يتفق فعله موافقًا للمقصود اتفاقًا، كمن ينقلب على جنبه فيقتل حية وهو نائم، فائدة لا يقال له حكيم، وأما إذا فعل فعلًا قاصدًا لقتلها بحيث يسلم عن نهشها، يقال له حكيم فيه، والعليم راجع إلى الذات إشارة إلى أنه يستحق الحمد بمجده، وإن لم يفعل فعلًا وهو قاصد لعلمه، وإن لم يفعل على وفق القاصد. اهـ.

.قال القرطبي:

{قالوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28)}.
قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين}.
ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ليبين بها أنه أهلك المكذب بآياته كما فعل بقوم لوط.
{هَلْ أَتَاكَ} أي ألم يأتك.
وقيل: {هَلْ} بمعنى قد؛ كقوله تعالى: {هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدهر} [الإنسان: 1].
وقد مضى الكلام في ضيف إبراهيم في (هود) (والحجر).
{الْمُكْرَمِينَ} أي عند الله؛ دليله قوله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] قال ابن عباس: يريد جبريل وميكائيل وإسرافيل زاد عثمان بن حَصِين ورفائيل عليه الصلاة والسلام.
وقال محمد بن كعب: كان جبريل ومعه تسعة.
وقال عطاء وجماعة: كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل ومعهما ملَك آخر.
قال ابن عباس: سماهم مكرمين لأنهم غير مذعورين.
وقال مجاهد: سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه.
قال عبد الوهاب: قال لي علي بن عياض: عندي هريسة ما رأيك فيها؟ قلت: ما أحسن رأيي فيها؛ قال: امض بنا؛ فدخلت الدار فنادى الغلام فإذا هو غائب، فما راعني إلا به ومعه القُمْقُمة والطَّسْت وعلى عاتقه المِنْدِيل، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، لو علمتُ يا أبا الحسن أن الأمر هكذا؛ قال: هَوِّن عليك فإنك عندنا مُكرَم، والمُكرم إنما يُخدم بالنفس؛ انظر إلى قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين}.
قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقالواْ سَلاَمًا} تقدّم في(الحجر).
{قال سَلاَمٌ} أي عليكم سلام.
ويجوز بمعنى أمري سلام أو ردّي لكم سلام.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصمًا {سِلْمٌ} بكسر السين.
{قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أي أنتم قوم منكرون؛ أي غرباء لا نعرفكم.
وقيل: لأنه رآهم على غير صورة البشر، وعلى غير صورة الملائكة الذين كان يعرفهم فنكرهم، فقال: {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ}.
وقيل: أنكرهم لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان.
وقال أبو العالية: أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض.
وقيل: خافهم؛ يقال: أنكرته إذا خفته، قال الشاعر:
فَأَنْكَرَتْنِي وما كان الذي نَكِرَتْ ** مِنَ الحوادِثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعَا

قوله تعالى: {فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ} قال الزجاج: أي عدل إلى أهله.
وقد مضى في {والصافات}.
ويقال: أراغ وارتاغ بمعنى طلب، وماذا تُرِيغ أي تريد وتطلب، وأراغ إلى كذا أي مال إليه سرًّا وحاد، فعلى هذا يكون راغ وأراغ لغتين بمعنى.
{فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} أي جاء ضيفه بعجل قد شواه لهم كان في {هود}: {فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69].
ويقال: إن إبراهيم انطلق إلى منزله كالمستخفي من ضيفه، لئلا يظهروا على ما يريد أن يتخذ لهم من الطعام.
قوله تعالى: {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} يعني العجل.
{قال أَلاَ تَأْكُلُونَ} قال قتادة: كان عامّة مالِ إبراهيم البقر، واختاره لهم سمينًا زيادة في إكرامهم.
وقيل: العِجل في بعض اللغات الشاة.
ذكره القشيري.
وفي الصحاح: العِجل ولد البقرة والعِجَّوْل مثله والجمع العَجاجيل والأنثى عِجْلة، عن أبي الجراح، وبقرة مُعْجِل ذات عِجْل، وعِجْل قبيلة من ربيعة.
قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي أحَسَّ منهم في نفسه خوفًا.
وقيل: أضمر لما لم يتَحرَّموا بطعامه.
ومن أخلاق الناس: أن من تَحرَّم بطعام إنسان أمنه.
وقال عمرو بن دينار: قالت الملائكة لا نأكل إلا بالثمن.
قال كلوا وأدّوا ثمنه.
قالوا: وما ثمنه؟ قال: تسمُّون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم.
فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: لهذا اتخذك الله خليلًا.
وقد تقدّم هذا في {هود}.
ولما رأوا ما بإبراهيم من الخوف {قالواْ لاَ تَخَفْ} وأعلموه أنهم ملائكة الله ورسله.
{وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ} أي بولد يولد له من سارة زوجته.
وقيل: لما أخبروه أنهم ملائكة لم يصدّقهم، فدعوا الله فأحيا العجل الذي قرّبه إليهم.
وروى عون بن أبي شدّاد: أن جبريل مسح العجل بجناحه، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار.
ومعنى {عَلِيمٍ} أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله وبدينه.
والجمهور على أن المبشَّر به هو إسحاق.
وقال مجاهد وحده: هو إسماعيل وليس بشيء فإن الله تعالى يقول: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} [الصافات: 112].
وهذا نص.
قوله تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ} أي في صيحة وضجة؛ عن ابن عباس وغيره.
ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته.
وقال عكرمة وقتادة: إنها الرَّنة والتأوّه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان.
قال الفراء: وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي.
وقيل: أقبلت في صَرَّة أي في جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة.
قال الجوهري: الصّرة الضجّة والصيحة، والصَّرة الجماعة، والصَّرة الشدّة من كرب وغيره، قال امرؤ القيس:
فَأَلْحَقَهُ بالهَادِيَاتِ ودونَهُ ** جَوَاحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ

يحتمل هذا البيت الوجوه الثلاثة.
وصرة القيظِ شدّة حَرِّه.
فلما سمعت سارة البشارة صَكَّت وجهها؛ أي ضربت يدها على وجهها على عادة النّسوان عند التعجب؛ قاله سفيان الثوري وغيره.
وقال ابن عباس: صَكَّت وجهها لطمته.
وأصل الصّك الضرب؛ صكّه أي ضربه؛ قال الراجز:
يا كَرَوَانًا صُكَّ فاكبأنا

قال الأموي: كَبَن الظبي إذا لطأ بالأرض واكبأن انقبض.
{وَقالتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} أي أتلد عجوز عقيم.
الزجاج: أي وقالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد، كما قالت: {يا ويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ} [هود: 72].
{قالواْ كَذَلِكِ} أي كما قلنا لك وأخبرناكِ {قال رَبُّكِ} فلا تَشكِّي فيه، وكان بين البشارة والولادة سنة، وكانت سارة لم تلد قبل ذلك فولدت وهي بنت تسع وتسعين سنة، وإبراهيم يومئذ ابن مائة سنة وقد مضى هذا.
{إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم} حكيم فيما يفعله عليم بمصالح خلقه. اهـ.

.قال الألوسي:

{هَلُ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إبراهيم}.
فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طريق الوحي قاله غير واحد، وفي (الكشف) فيه رمز إلى أنه لما فرغ من إثبات الجزاء لفظًا القسم ومعنى بما في المقسم به من التلويح إلى القدرة البالغة مدمجًا فيه صدق المبلغ، وقضى الوطر من تفصيله مهد لإثبات النبوة وأن هذا الآتي الصادق حقيق بالاتباع لما معه من المعجزات الباهرة فقال سبحانه: {هَلُ أَتَاكَ} الخ، وضمن فيه تسليته عليه الصلاة والسلام بتكذيب قومه فله بسائر آبائه وإخوانه من الأنبياء عليهم السلام أسوة حسنة هذا إذا لم يجعل قوله تعالى: {وَفِى موسى} [الذاريات: 38] عطفًا على قوله سبحانه: {وَفِى الأرض ءايات} [الذاريات: 20] وأما على ذلك التقدير فوجهه أن يكون قصة الخليل ولوط عليهما السلام معترضة للتسلي بإبعاد مكذبيه وأنه مرحوم منجي مكرم بالاصطفاء مثل أبيه إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعليهم والترجيح مع الأول انتهى وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بقوله سبحانه: {وَفِى موسى} [الذاريات: 38]، و{الضيف} في الأصل مصدر بمعنى الميل ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد، قيل: كانوا اثني عشر ملكًا.
وقيل: ثلاثة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام وسموا ضيفًا لأنهم كانوا في صورة الضيف ولأن إبراهيم عليه السلام حسبهم كذلك، فالتسمية على مقتضى الظاهر والحسبان، وبدأ بقصة إبراهيم وإن كانت متأخرة عن قصة عاد لأنها أقوى في غرض التسلية {مِنَ المكرمين} أي عند الله عز وجل كما قال الحسن فهو كقوله تعالى في الملائكة عليهم السلام: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] أو عند إبراهيم عليه السلام إذ خدمهم بنفسه وزوجته وعجل لهم القرى ورفع مجالسهم كما في بعض الآثار، وقرأ عكرمة {المكرمين} بالتشديد.
{إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} ظرف للحديث لأنه صفة في الأصل، أو للضيف، أو {لمكرمين} إن أريد إكرام إبراهيم لأن إكرام الله تعالى إياهم لا يتقيد، أو منصوب بإضمار اذكر {عَلَيْهِ فَقالواْ سلاما} أي نسلم عليك سلامًا، وأوجب في (البحر) حذف الفعل لأن المصدر سادّ مسدّه فهو من المصادر التي يجب حذف أفعالها، وقال ابن عطية: يتجه أن يعمل في {سَلاَمًا} قالوا: على أن يجعل في معنى قولا ويكون المعنى حينئذٍ أنهم قالوا: تحية وقولا معناه {سلام} ونسب إلى مجاهد وليس بذاك.
{قال سلام} أي عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات حتى يكون تحيته أحسن من تحيتهم أخذًا بمزيد الأدب والإكرام، وقيل: {سلام} خبر مبتدأ محذوف أي أمري {سلام} وقرئا مرفوعين.
وقرىء {سلامًا} قال: {سلما} بكسر السين وإسكان اللام والنصب، والسلم السلام.
وقرأ ابن وثاب والنخعي وابن جبير وطلحة {سلامًا} قال سلم بالكسر والإسكان والرفع، وجعله في (البحر) على معنى نحن أو أنتم سلم {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أنكرهم عليه السلام للسلام الذي هو علم الإسلام، أو لأنهم عليهم السلام ليسوا ممن عهدهم من الناس، أو لأن أوضاعهم وأشكالهم خلاف ما عليه الناس، و{قَوْمٌ} خبر مبتدأ محذوف والأكثر على أن التقدير أنتم قوم منكرون وأنه عليه السلام قاله لهم للتعرف كقولك لمن لقيته: أنا لا أعرفك تريد عرف لي نفسك وصفها، وذهب بعض المحققين إلى أن الذي يظهر أن التقدير هؤلاء {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} وأنه عليه السلام قاله في نفسه، أو لمن كان معه من أتباعه وغلمانه من غير أن يشعرهم بذلك فإنه الأنسب بحاله عليه السلام لأن في خطاب الضيف بنحو ذلك إيحاشًا مّا، وطلبه به أن يعرفوه حالهم لعله لا يزيل ذلك.
وأيضًا لو كان مراده ذلك لكشفوا أحوالهم عند القول المذكور ولم يتصد عليه السلام لمقدمات الضيافة.
{فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ} أي ذهب إليهم على خفية من ضيفه، نقل أبو عبيدة أنه لا يقال: راغ إلا إذا ذهب على خفية، وقال: يقال روغ اللقمة إذا غمسها في السمن حتى تروى، قال ابن المنير: وهو من هذا المعنى لأنها تذهب مغموسة في السمن حتى تخفى، ومن مقلوب الروغ غور الأرض والجرح لخفائه وسائر مقلوباته قريبة من هذا المعنى، وقال الراغب: الروغ الميل على سبيل الاحتيال، ومنه راغ الثعلب، وراغ فلان إلى فلان مال نحوه لأمر يريده منه بالاحتيال، ويعلم منه أن لاعتبار قيد الخفية وجهًا وهو أمر يقتضيه المقام أيضًا لأن من يذهب إلى أهله لتدارك الطعام يذهب كذلك غالبًا، وتشعر الفاء بأنه عليه السلام بادر بالذهاب ولم يمهل وقد ذكروا أن من أدب المضيف أن يبادر بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذرًا من أن يمنعه الضيف، أو يصير منتظرًا {فَجَاء بِعِجْلٍ} هو ولد البقرة كأنه سمي بذلك لتصور عجلته التي تعدم منه إذا صار ثورًا {سَمِينٍ} ممتلىء الجسد بالشحم واللحم يقال: سمن كسمع سمانة بالفتح وسمنًا كعنب فهو سامن وسمين، وكحسن السمين خلقة كذا في (القاموس)، وفي (البحر) يقال: سمن سمنًا فهو سمين شذوذًا في المصدر، واسم الفاعل. والقياس سمن وسمن، وقالوا: سامن إذا حدث له السمن انتهى، والفاء فصيحة أفصحت عن جمل قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها، وإيذانًا بكمال سرعة المجىء بالطعام أي فذبح عجلًا فحنذه فجاء به، وقال بعضهم إنه كان معدًا عنده حنيذًا قبل مجيئهم لمن يرد عليه من الضيوف فلا حاجة إلى تقدير ما ذكر، والمشهور اليوم أن الذبح للضيف إذا ورد أبلغ في إكرامه من الإتيان بما هىء من الطعام قبل وروده، وكان كما روي عن قتادة عامة ماله عليه السلام البقر ولو كان عنده أطيب لحمًا منها لأكرمهم به.